2024/04/19 at 1:20 صباحًا

أين مؤازرة الحملة الدولية لضم الخليل إلى المدن التاريخية

بقلم: سمير سعد الدين
منذ أن تولى خالد العسيلي رئاسة بلدية مدينة الخليل، وهو يعمل لتسجيل المدينة على قائمة التراث العالمي باليونسكو إذ أن هذه الدعوة قديمة جديدة، وذلك من أجل المحافظة على البلدة القديمة تحديدا وآثاراتها ومعالمها الإسلامية والعربية من قبل المستوطنين والدولة الإسرائيلية، و المعروف أن المستوطنين في هذه المدينة يوصفون بأنهم الأشرس وغلاة الاستيطان كما يتزعمهم مجرمان كبيران مدانان بقتل فلسطينيين والاعتداء عليهم وهما ميرزل وبن جبير، اللذين يقفان وراء مسيرات المستوطنين في سلوان، وفي أنحاء القدس وفي أم الفحم وغيرها لإثبات أن هذه الأراضي تقع تحت سيطرة الدولة الإسرائيلية، كما أن هناك مخططا خطرا يجري تنفيذه بشأن المدينة وهو اقتطاع أحياء متعددة من البلدة القديمة ومن محيطها ومن ضمنها مستوطنات لإيجاد مدينة يهودية إلى جانب المدينة العربية، إذ أنه من المعلوم أن رئيس وزراء إسرائيل الأسبق شارون كان من ضمن الخرائط التي وضعها للاستيلاء على القدس والخليل وأنحاء أخرى بالضفة الغربية، إيجاد مدينة يهودية إلى جانب أخرى عربية في الخليل مع الإشارة أن هناك أحياء تاريخية إسلامية وعربية تدخل في إطار هذه المدينة مثل حارة جابر التي تشكل جزءا هاما مما يسمى بطريق المصلين، الذي يمتد من مستوطنة كريات أربع حتى الحرم الإبراهيمي الشريف، علما أن حارة جابر تعود بناياتها إلى العهد المملوكي، وأن هناك عدد من العائلات تسكن في كل واحدة من هذه العمائر و منذ عدة سنوات يرفض الجيش الإسرائيلي للجنة إعمار البلدة القديمة، أن تعمل على ترميم هذه العمائر كما يؤكد على ذلك رئيسها الدكتور علي القواسمي، مما يشير إلى أن هناك نية مبيتة للاستيلاء عليها في الوقت المناسب مع الإشارة هنا أن الفلسطينيين ممنوع عليهم، دخول مركباتهم هذه الحارة كما وضعت قبل ثلاث سنوات نقطة عسكرية منتصفها، وهذا ما ينطبق على حارات وأزقة وعمائر أخرى.

وكان العسيلي قد أجرى على مدى السنتين الماضيتين اتصالات مكثفة مع عدد هام من رؤساء بلديات فرنسا، ودول أخرى عملت جميعها دعوة اليونسكو لتسجيل البلدة القديمة على قائمتها للحفاظ على تراثها وأن عدد من رؤساء هذه البلديات عمل توأمة مع بلدية الخليل وبلديات أخرى بالضفة الغربية أثناء زيارة هؤلاء الرؤساء إلى الأراضي الفلسطينية منذ شهور، وكان آخر الزائرين من رؤساء البلديات الأوربية لمدينة الخليل ريمي بيجنتيني، رئيس بلدية جنيف الذي قال بعد إطلاعه على الأوضاع في البلدة القديمة أن ما شاهدته يمكن وصفه بعدم وجود العدل والخجل من انتهاك حقوق الإنسان، الذي يفوق كل شيء كما دعا إلى إعادة فتح شارع الشهداء المغلق من قبل المحكمة العليا الإسرائيلية مع الإشارة هنا أن هذا الشارع يعتبر السوق المركزي للاقتصاد والتجارة في الخليل الذي تعتبر أهم مدينة اقتصادية على مستوى فلسطين، وحول الوضع الذي تشهده منطقة الحرم الإبراهيمي في البلدة القديمة ومنع المسلمين في الصلاة فيه في المواسم والأعياد اليهودية، وعدم رفع الآذان وتحرش المستوطنين بالمصلين قال أنه في جنيف يسمح لجميع الديانات التي يعيش أتباعها بها أن يمارسوا دياناتهم وطقوسها بحرية تامة في حين أنه في الحرم الإبراهيمي الوضع مخالف لكل المواثيق والأعراف الدولية، كما أكد دعم بلدية جنيف للحملة الدولية لمطالبة البلدية بضم المدينة إلى المدن التاريخية كما تشهد بلدية الخليل ومؤسساتها باستمرار ضيوف أجانب من مختلف الجنسيات الأوربية والأمريكية التي تتعدد أغراضها ومسمياتها حيث تعمل على المطالبة بسجيل الخليل على لائحة التراث العالمي إضافة إلى الزيارات المتعددة لقناصل الدول الغربية للإطلاع على أوضاع المدينة ولقاء ممثلي مؤسساتها، مع الإشارة هنا أن مساعي رئيس البلدية هذه والتي عرضها في مؤتمر برشلونة للدول المتشاطئة مع البحر الأبيض المتوسط الذي نظمه الاتحاد الأوروبي في إطار سلسلة من المؤتمرات كانت قد سبقت تسجيل نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل الحرم الإبراهيمي على قائمة التراث الإسرائيلي إضافة إلى جامع بلال في بيت لحم وأسوار القدس.

لا أحد ينكر أن هناك مساع حكومية فلسطينية تعمل للحفاظ على الوجود الفلسطيني في البلدة القديمة والتصدي للمستوطنين كما أنه قبل شهور وفد إلى المنطقة وزراء ومهتمين ورؤساء مجالس محلية ورؤساء مؤسسات المجتمع المدني كما أن رئيس الوزراء سلام فياض قد افتتح مؤخرا مقرات حكومية في البلدة القديمة للتشجيع أبنائها للبقاء فيها، وتحدي المستوطنين اللذين يتحينون الفرص للانقضاض عليها مع الملاحظة أن هناك شبانا يطلقون على أنفسهم بالمتصدين للاستيطان، ينظمون أسبوعيا أمسيه و فعالية هامة في البلدة القديمة، ويطالبون بإعادة فتح شارع الشهداء، الذي كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد عملت على ترميمه وترميم المحلات التجارية فيه بعد اتفاق الخليل، إلا أن هذا السوق قد أقفل بعد عدة أسابيع بسبب اعتداءات المستوطنين الذين يوجهون التعليمات إلى الجنود والضباط باعتبارهم النواة الصلبة للاستيطان، ويطلق عليهم المستوطنون في مناطق أخرى بأنهم المحافظون على تراث الأجداد، ويتمادى المستوطنون يوما بعد يوم على الأملاك الفلسطينية المحلات التجارية في سوق الخضار القديم الذي كان قد أغلق مؤقتا بعد مجزرة الخليل التي ارتكبها المجرم غولد شتاين، والتي استهدفت المصلين في الحرم الإبراهيمي كما أن المحكمة العليا لا تزال تصدر أوامرها باستمرار إغلاق هذا السوق وأسواق أخرى فرعيه للحفاظ على حياة المستوطنين حيث عملوا على اقتطاع بعض المحلات وأقاموا فيها مدرسة للصغار ومعهدا دينيا.

مع الإشارة هنا أنه بعد اتفاق الخليل أصدر الراحل عرفات أوامره إلى بلدية المدينة بتشجيع السكن في البلدة القديمة وإعفاء أهلها من دفع فواتير الخدمات البلدية والمياه، وذلك بعد أن دعم مشروع إعادة إعمار البلدة القديمة علما بأن هذه البلدة كانت قد قدمت لها عدة مؤسسات دولية إضافة إلى السعودية والإمارات العربية مساعدات مالية لصالح الإعمار.

يذكر هنا أن الاحتلال قد أغلق قبل أيام مركز مفتشي البلدية بالبلدة القديمة تحت ذريعة أن عناصر منهم هم في الحقيقة أفراد من الشرطة الفلسطينية يحافظون على الأمن.

إن مساعي خالد العسيلي وإخوانه يجب أن ينظر إليها بأهمية بالغة اتجاه تسجيل مدينة الخليل على لائحة التراث العالمي من أجل الحفاظ على عروبة وإسلامية هذه المدينة ومحاصرة الاستيطان، وعدم إقامة مدينة يهودية على حساب الأحياء العربية الإسلامية التاريخية، وأن ذلك يقتضي تحركا دبلوماسيا رسميا فلسطينيا وعربيا وإسلاميا والأهم من ذلك قيام مؤسسات المجتمع المدني بنقل حقيقة ما يجري في مدينة الخليل إلى المجتمع الدولي للتدخل بالضغط على إسرائيل لوقف أطماعها في المدينة، إذ أنه من المعروف الاستيطان بمدينة الخليل يأتي بعد القدس.

هذا وينظر إلى تراجع وزير الجيش الإسرائيلي يهود براك عن السماح بإقامة منطقة صناعية في الخليل على أراضي ترقوميا بعد أن أقرت من قبل وتعهدت عدة دول منها تركيا وشركات هامة للمساهمة في إقامة هذه المنطقة الأمر الذي يثير مخاوف لدى أهل المدينة والفلسطينيين عموما من النية المبيتة لها ووجود مخططات لإضعافها لمجابهة الاستيطان والأطماع الصهيونية عامة، علما بأن ترقوميا هي منطقة إستراتيجية بالنسبة لوضعها الجغرافي حيث تتوسط مسافة قريبة من ميناء عسقلان والطريق البري المؤدي إلى الأردن وفي حال تشغيلها فإن المنطقة ستشهد ازدهارا يعزز من مكانة الخليل الاقتصادية.

هذا وفي الوقت الذي يتحدث فيه وزير الجيش الإسرائيلي باراك إلى الوسطاء الدوليين، ومنهم الأمريكان بأنه يمكن اختيار منطقة جديدة لإقامة المنطقة الصناعية غير ترقوميا إلا أنه لا يحدد حتى الآن مكان هذه المنطقة علما بأن ترقوميا تقع على حدود الضفة الغربية مع دولة إسرائيل.

* كاتب صحفي متخصص في شؤون القدس. – sameir_saadaldin_(at)_yahoo.com

شاهد أيضاً

وزير الصناعة يبحث مع وزير الاقتصاد الفلسطيني جهود مصر لتدارك الآثار السلبية للعدوان الإسرائيلي

التقى المهندس أحمد سمير وزير التجارة والصناعة خالد عسيلي وزير الاقتصاد الوطني بدولة فلسطين. جاء …

قرار عربي بإعداد خطة الاستجابة الطارئة لتداعيات العدوان الإسرائيلي على فلسطين

قرار عربي بإعداد خطة الاستجابة الطارئة لتداعيات العدوان الإسرائيلي على فلسطين القاهرة 16-2-2024 وفا- اعتمد …

كلمة الوزير امام المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي في الدورة(113)

معالي الأخ أحمد أبو الغيط المحترم، الأمين العام لجامعة الدول العربية معالي الأخ يوسف الشمالي …